|
الحرم النبوي الشريف |
النبي وأهل بيته أفضل الخلق (رواية عظيمة) بسمه تعالى الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين . واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم من الآن إلى قيام يوم الدين . أثناء تصفحي مجموعة من الكتب للبحث في مسألة معيّنة وجدت رواية عجيبة وعظيمة فمن خلالها يبّين النبي (صلى الله عليه وآله) عظم شأنه وشأن أهل بيته (عليهم السلام) ومكانتهم من هذا العالم المترامي الأطراف من جهات عدّة ، روحية ، مادية ، نفسية ، فهو (صلى الله عليه وآله) علّة الوجود وخلقه علّة الخلق وكيف لا وهو النور الأنور والصادر الأول وبه ينجينا الله من الهلكات . في الحقيقة هذه الرواية التي سأذكرها تتفق مع كثير المروي عنهم (صلوات الله عليهم) كالزيارة الجامعة لأهل البيت (عليهم السلام) التي جاء فيها ( من أراد الله بدأ بكم ، ومن وحده قبل عنكم ، ومن قصده توجه بكم ، موالي لا أحصي ثناءكم ، ولا أبلغ من المدح كنهكم ، ومن الوصف قدركم وأنتم نور الأخيار . وهداة الأبرار ، وحجج الجبار ، بكم فتح الله وبكم يختم وبكم ينزل الغيث ، وبكم يمسك السماء ان تقع على الأرض إلا باذنه ، وبكم ينفس الهم ويكشف الضر ، وعندكم ما نزلت به رسله وهبطت به ملائكته ، والى جدكم بعث الروح الأمين ) (1) أو زيارة الإمام الحسين (عيه السلام) التي جاء فيها ( من أراد الله بدأ بكم ، بكم يبين الله الكذب ، وبكم يباعد الله الزمان الكلب وبكم يفتح الله وبكم يختم الله ، وبكم يمحو الله ما يشاء ، وبكم يثبت وبكم يفك الذل من رقابنا ، وبكم يدرك الله ترة كل مؤمن ومؤمنة تطلب ، وبكم تنبت الأرض أشجارها ، وبكم تخرج الأشجار أثمارها ، وبكم تنزل السماء قطرها ، وبكم يكشف الله الكرب ، وبكم ينزل الله الغيث ، وبكم تسبح الأرض التي تحمل أبدانكم ، لعنت أمة قتلتكم ، وأمة خالفتكم ، وأمة جحدت ولايتكم ، وأمة ظاهرت عليكم ، وأمة شهدت ولم تنصركم ) (2) وغير ذلك من الزيارات والروايات المروية عنهم . أيضا وجدت هذه الرواية في أكثر من مصدر ولكنها سأذكرها عن كتاب حلية الأبرار للسيد هاشم البحراني (قدس) - ج 2 - ص 396 - 400 : أمير المؤمنين (عليه السلام) والأئمة (عليهم السلام) أفضل الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن عبد السلام بن صالح الهروي ، عن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : ما خلق الله خلقا أفضل منى ، ولا أكرم عليه منى ، قال علي (عليه السلام) : فقلت : يا رسول الله فأنت أفضل أم جبرئيل ؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : يا علي إن الله تبارك وتعالى فضّل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقربين ، وفضّلني على جميع النبيين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمة من بعدك ، فإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا ، يا علي الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ، ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا ( 1 ) . يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ، ولا حواء ، ولا الجنة ، ولا النار ، ولا السماء ، ولا الأرض ، وكيف لا نكون أفضل من الملائكة ؟ وقد سبقناهم إلى معرفة ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه ، لان أول ما خلق الله عز وجل خلق أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتحميده ، ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا ، فسبّحنا لِتعلم الملائكة أنّا خلق مخلوقون ، وأنه منزه عن صفاتنا فسبحت الملائكة بتسبيحنا ونزعته عن صفاتنا ، فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إله إلا الله وأنا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه ، فقالوا : لا إله إلا الله . فلما شاهدوا كبر محلنا كبرنا لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال عظم المحل ( 2 ) إلا به فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العزة والقوة ، قلنا : لا حول ولا قوة إلا بالله ( 3 ) ، لتعلم الملائكة أن لا حول ولا قوة إلا بالله ، فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا : الحمد لله ، لتعلم الملائكة ما يحق ( 4 ) لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمته ، فقالت الملائكة : الحمد لله ، فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده . ثم إن الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه ، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما ، وكان سجودهم لله عز وجل عبودية ، ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون ( 5 ) ؟ وأنه لما عُرج بي إلى السماء أذّن جبرئيل مثنى مثنى ، وأقام مثنى مثنى ثم قال : تقدم يا محمد فقلت له : يا جبرئيل أتقدم عليك ؟ فقال : نعم لان الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه على ملائكته أجمعين وفضلك ( 1 ) خاصة ، فتقدمت فصليت بهم ولا فخر . فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل : تقدم يا محمد ، وتخلف عنى فقلت : يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني ؟ فقال : يا محمد إن انتهاء حدّي الذي وضعني الله عز وجل فيه إلى هذا المكان فإن تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدّي حدود ربى جل جلاله فزّخ ( 2 ) بي في النور زخة حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله من علو ملكه ، فنوديت يا محمد ، فقلت : لبيك ربى وسعديك تباركت وتعاليت فنوديت : يا محمد أنت عيدي وأنا ربك فإياي فاعبد ، وعليّ فتوكل ، فإنك نوري في عبادي ، ورسولي إلى خلقي ، وحجتي على بريتي ، لك ولمن اتبعك خلقت جنتي ، ولمن خالفك خلقت ناري ، ولأوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتهم أوجبت ثوابي ، فقلت : يا رب ومن أوصيائي ؟ فنوديت يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي ، فنظرت وأنا بين يدي ربى جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت أثنى عشر نورا ، في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصى من أوصيائي أولهم : علي بن أبي طالب ، وآخرهم مهدي أمتي . فقلت : يا رب هؤلاء أوصيائي من بعدي ؟ فنوديت : يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي ، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك ، وعزتي وجلالي لأظهرن بهم ديني ، ولأعلين بهم كلمتي ، ولأطهرن الأرض بآخرهم من أعدائي ، ولأمكننه مشارق الأرض ومغاربها ، ولأسخرّن له الرياح ، ولأذللن له السحاب الصعاب ، ولأرقينه في الأسباب ، ولأنصرنه بجندي ، ولأمدنه بملائكتي حتى تعلو دعوتي ، ويجمع الخلق على توحيدي ، ثم لأديمن ملكه ، ولأداولن الأيام بين أوليائي إلى يوم القيامة ( 1 ) . :: أقول :: كل مقطع وجزء من هذه الرواية يتفق مع مثيل له فمثلاً قوله (صلى الله عليه وآله) : ما خلق الله خلقا أفضل منى ، ولا أكرم عليه منى يتفق مع الحديث المروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث يقول كما جاء في بحار الأنوار للعلامة المجلسي - ج 15 - ص 27 - 29 : كان الله ولا شئ معه ، فأول ما خلق نور حبيبه محمد (صلى الله عليه وآله) قبل خلق الماء والعرش والكرسي والسماوات والأرض و اللوح والقلم والجنة والنار والملائكة وآدم وحواء بأربعة وعشرين وأربعمائة ألف عام ، فلما خلق الله تعالى نور نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) بقي ألف عام بين يدي الله عز وجل واقفاً يسبحه ويحمده ، والحق تبارك وتعالى ينظر إليه ويقول : يا عبدي أنت المراد والمريد ، وأنت خيرتي من خلقي ، وعزتي وجلالي لولاك ما خلقت الأفلاك ، من أحبك أحببته ، ومن أبغضك أبغضته ، فتلألأ نوره وارتفع شعاعه ، فخلق الله منه اثني عشر حجاباً أولها حجاب ، القدرة ، ثم حجاب العظمة ، ثم حجاب العزة ، ثم حجاب الهيبة ، ثم حجاب الجبروت ، ثم حجاب الرحمة ، ثم حجاب النبوة ، ثم حجاب الكبرياء ، ثم حجاب المنزلة ثم حجاب الرفعة ، ثم حجاب السعادة ، ثم حجاب الشفاعة ، ثم إن الله تعالى أمر نور رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يدخل في حجاب القدرة فدخل وهو يقول : ( سبحان العلي الاعلى ) وبقي على ذلك اثنى عشر ألف عام ، ثم أمره أن يدخل في حجاب العظمة فدخل وهو يقول : ( سبحان عالم السر وأخفى ) أحد عشر ألف عام ، ثم دخل في حجاب العزة وهو يقول : ( سبحان الملك المنان ) عشرة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب الهيبة وهو يقول : ( سبحان من هو غني لا يفتقر ) تسعة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب الجبروت وهو يقول : ( سبحان الكريم الأكرم ) ثمانية آلاف عام ، ثم دخل في حجاب الرحمة وهو يقول : ( سبحان رب العرش العظيم ) سبعة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب النبوة وهو يقول : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) ستة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب الكبرياء و هو يقول : ( سبحان العظيم الأعظم ) خمسة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب المنزلة وهو يقول : ( سبحان العليم الكريم ) أربعة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب الرفعة وهو يقول : ( سبحان ذي الملك والملكوت ) ثلاثة آلاف عام ، ثم دخل في حجاب السعادة وهو يقول : ( سبحان من يزيل الأشياء ولا يزول ) ألفي عام ، ثم دخل في حجاب الشفاعة وهو يقول : ( سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ) ألف عام . قال الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) : ثم إن الله تعالى خلق من نور محمد (صلى الله عليه وآله) عشرين بحراً من نور ، في كل بحر علوم لا يعلمها إلا الله تعالى ، ثم قال لنور محمد (صلى الله عليه وآله) : أنزل في بحر العز فنزل ، ثم في بحر الصبر ، ثم في بحر الخشوع ، ثم في بحر التواضع ، ثم في بحر الرضا ، ثم في بحر الوفاء ، ثم في بحر الحلم ، ثم في بحر التقى ، ثم في بحر الخشية ، ثم في بحر الإنابة ، ثم في بحر العمل ، ثم في بحر المزيد ، ثم في بحر الهدى ، ثم في بحر الصيانة ، ثم في بحر الحياء ، حتى تقلب في عشرين بحراً ، فلما خرج من آخر الأبحر قال الله تعالى : يا حبيبي ويا سيد رسلي ، ويا أول مخلوقاتي ويا آخر رسلي أنت الشفيع يوم المحشر ، فخر النور ساجداً ، ثم قام فقطرت منه قطرات كان عددها مائة ألف وأربعة وعشرين ألف قطرة ، فخلق الله تعالى من كل قطرة من نوره نبياً من الأنبياء ، فلما تكاملت الأنوار صارت تطوف حول نور محمد (صلى الله عليه وآله) كما تطوف الحجاج حول بيت الله الحرام ، وهم يسبحون الله ويحمدونه ويقولون : ( سبحان من هو عالم لا يجهل ، سبحان من هو حليم لا يعجل ، سبحان من هو غني لا يفتقر ) فناداهم الله تعالى : تعرفون من أنا ؟ فسبق نور محمد (صلى الله عليه وآله) قبل الأنوار ونادى : ( أنت الله الذي لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، رب الأرباب ، وملك الملوك ) فإذا بالنداء من قبل الحق : أنت صفيي ، وأنت حبيبي ، وخير خلقي ، أمتك خير أمة أخرجت للناس ، ثم خلق من نور محمد (صلى الله عليه وآله) جوهرة ، وقسمها قسمين ، فنظر إلى القسم الأول بعين الهيبة فصار ماء عذبا ، ونظر إلى القسم الثاني بعين الشفقة فخلق منها العرش فاستوى على وجه الماء ، فخلق الكرسي من نور العرش ، وخلق من نور الكرسي اللوح ، وخلق من نور اللوح القلم ، وقال له : اكتب توحيدي ، فبقي القلم ألف عام سكران من كلام الله تعالى ، فلما أفاق قال : اكتب ، قال : يا رب وما أكتب ؟ قال : اكتب : ( لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ) فلما سمع القلم اسم محمد (صلى الله عليه وآله) خر ساجداً ... تتمة . |