هو جميل بن عبد الله بن معمر العذري القضاعي, نسبة إلى عذرة وهي بطن من قضاعة. شاعر من عشاق العرب, افتتن ببثينة بنت حيان بن ثعلبة العذرية, من فتيات قومه. خطبها إلى أبيها فرده وزوجها من رجل آخر. كان له معها أخبار تناقلها الناس, وقال فيها شعرا يذوب رقة. أكثر شعره في النسيب والغزل والفخر وأقله في المديح. قصد جميل مصر وافدا على عبد العزيز بن مروان، فأكرمه عبد العزيز وأمر له بمنزل, فأقام قليلا ومات ودفن في مصر, ولما بلغ بثينة خبر موته حزنت عليه حزنا شديدا وأنشدت:
وإن ســلوي عــن جـميل لسـاعة * * * مـن الدهـر مـا حانت ولا حان حينها
سـواء علينـا, يـا جـميل بـن معمر, * * * إذا مــت بأســاء الحيــاة ولينهـا
وهذة قصيدة مختارة من ديوانة
ديـار ليـلى إذ نحلّ بهـا معـا * * * وإذ نحن منها بالمودّة نطمـع
إلى الله أشكو لا إلى الناس حبها * * * ولا بد من شكوى حبيب يروّع
ألا تتقيـن الله فيمـن قتلـتـه * * * فأمسى إليكم خاشعـا يتضـرّع
فإن يك جثمـاني بأرض سواكم * * * فإن فـؤادي عندك الدهر أجمع
ألا تتقين الله في قتـل عاشـق * * * لـه كبـد حرّى عليـك تقطّـع
فيا ربّ حببنـي إليهـا وأعطني * * * المـودّة منها أنت تعطي وتمنع
وإلا فصبّرني وإن كنت كارهـا * * * فإني بها يـا ذا المعارج مولـع
تمتّعْتُ منها يوم بانـوا بنظـرة * * * وهل عاشـقٌ من نظـرةٍ يتمتّع
--------------------------------------------------------------------------------
كفى حزنا للمرء ما عاش أنه * * * ببين حـبـيـب لا يـزال يـروّع
فوا حزني لو ينفع الحزن أهله * * * ويا جزعي إن كان للنفس مجزع
فأي قلـوب لا تذوب لما أرى * * * وأي عيـون لا تجـود فتـدمـع
--------------------------------------------------------------------------------
أبت مقلتـي كتمان ما بي وبيّنت * * * مكان الذي أخفي وفـاض المدامع
غداة لقيناهـا على غير موعـد * * * بأسفـل خيـم والمطيّ خواضـع
وأومت بجفن العين واحتار دمعها * * * لتقتلنـي مملوحـة الـدّلّ مانـع
كمت دمعها عين الصحيح وبيّنت * * * مكان ذوي الشوق العيون الدوامع
ورقرقت دمـع العيـن ثم ملكته * * * مجال القذى فالدمع في الجفن ناقع
أحقّا عبـاد الله أن لست زائـرا * * * بثينـة إلا أُصْغِيَتْ لي المسـامـع
وإلا عدانـي دون بثنـة أعيـنٌ * * * حـداد ولامتها النسـاء الهلامـع